{ إِنَّ ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَٱلَّذِينَ هَادُواْ وَٱلنَّصَارَىٰ وَٱلصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }قولُه تعالى:
{إنَّ الذِينَ آمَنُوا والَّذِين هَادُوا} إلى قوله
{وَلاَ خَوْفٌ
عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون}.
أكثرُ العلماء على أنها محكمةٌ، ونزلَت في مَن كان قبلَ بَعْد
النبي - صلى الله عليه وسلم - منهم.
وروَى (عليُّ بنُ أبي طلحة) عن ابن عباس أنه قال: هي منسوخةٌ
بقولِه تعالى:
{ومَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسلامِ ديناً فلَن يُقْبَلَ مِنه} [آل عمران: 85] - الآية -.
والصَّوابُ أن تكونَ مُحْكَمةً؛ لأنها خبرٌ مِن الله بما يفعلُ (بعبادِه)
الّذينَ (كانوا) على أديانِهم قبلَ مَبْعَثِ النبي - صلى الله عليه وسلم -.
وهذا لا يُنْسَخُ. لأَِنَّ الله لا يضيعُ أجرَ مَن أحسن عملاً من الأوَّلين
والآخرين.
{ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ لاَ تَعْبُدُونَ إِلاَّ ٱللَّهَ وَبِٱلْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً وَذِي ٱلْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَٱلْمَسَاكِينِ وَقُولُواْ لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِيمُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتُواْ ٱلزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُّعْرِضُونَ }قوله تعالى:
{وقُولُوا للنَّاسِ حُسْناً}:
من قال: إن معنى الآية: سالموا الناسَ وقابلوهم بالقول الحَسَنِ جعلَها
منسوخةً بآيةِ السَّيفِ - وهو قولُ قتادة -.
ومن قال معناها: مُروهم بالمعروف وانهوهُم عن المنكر (قال: هي
محكمةٌ، إِذْ لا يَصْلُح نسخُ الأمر بالمعروف والنَّهيِ عن المنكر، - وهو قولُ
عطاء -).
{ يَٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُواْ ٱنْظُرْنَا وَٱسْمَعُواْ وَلِلكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ
}قوله تعالى:
{لاَ تَقُولُوا رَاعِنَا}:
هذه الآية - عندَ عطاء - ناسخةٌ لما كانَ عليه الأنصارُ في الجاهليَّة
وبُرهةً من الإِسلام، كانوا يقولون للنبي - صلى الله عليه وسلم -: راعِنا سمعَك، أي، فَرِّغْ
لنا سمعَك لما نقولُ لك. وكانت هذه الكلمةُ عندَ اليهود سبّاً
فنسخَها الله من كلامِ المسلمين، ونهى أن تقالَ لئَلاّ يجدَ اليهود سبباً إلى
سبِّ النبي - عليه السلام -.
وقد كان حقُّ هذا ألاّ يُذْكَرَ في الناسخ لأنهُ لم يَنْسَخ قرآناً؛ إنما نَسَخ
ما كانوا (عليه). وأكثرُ القرآن على ذلك. وقد بيَّنا هذا.